هو لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب . وفي كتاب الأغاني : هو لبيد بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوزان بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر . يُكَنّى بأبي عقيل . لُقِّبَ والده ( بربيعة المُقترين أو ربيع المُقترين) لكَرَمـــــــه وجوده وسخائه وسؤدده . قتلته بني أسد في الحرب التي دارت بينهم وبين قومه وعُرفَت هذه الحــــرب بيوم ( ذي علق) ، ولبيد إذ ذاك صغير السن ، يقل عمره عن تسع سنوات . وأم لبيـــد تامرة بنت زنباع من عبس إحدى بنات جذيمة بن رواحة ، تزوّجــها أوّلاً قيس بن جزء بن خـــالد بن جعفر فولدت له ( أربد ) ثم تزوّجها ربيعة فولدت له ( لبيداً ) . ويفتخر لبيد بقوله : ( نحن بنو أم البنين الأربعة ) وأم البنين هي ليلى بنت عمرو بن عامر فارس الضحياء تزوّجها مالك بن جعفر فولدت خمسة من الأبناء ــ لا أربعة كما قال لبـــيد ــ وأعمامــه هم : أبو براء عامر بن مـــــالك المُلَقّب بـ ( ملاعب الأسنة) والطفيل فارس قرزل وسلمى نزال المضيق ومعاوية معوّد الحكماء وربيعة وبعد مقتل والده كفله أعمامه فنشأ في نعيم من العيش . وفي زواجه لم يكن لديه ولد ذَكَرْ .
عاش لبيد حتى سئم طول حياته ، ونسب له الرواة عدة أبيات في أيامه الطويلة :
قال وهو ابن السبعين :
كأني ، وقد جاوزت سبعين حجة *** خلعت بها عن منكبي ردائيا
وآخر قاله وهو في السابعة والسبعين :
باتت تشكّي إليّ الموتَ مُجهِشةً *** وقد حملتكِ سبعاً بعد سبعينا
وثالث قاله وهو في العاشرة بعد المئة :
أليس في مائةٍ قد عاشها رجلٌ *** وفي تكامل عشرٍ بعدها عُمُرُ !
فحقاً كان من المعمّرين ، ويذكر الرواة أيضاً أنه مات في أوّل خلافة معاوية بن يزيد في سنة 40 هـ أو 41 أو 42 ، وهي تُقابل سنة 660 ــ 661 م .
عاش لبيد عيش السادات ينجد الضعيف ويُقري الضيوف ، مُترفّعاً عن التكسّب بشعره . ينظم شعره في أغراض الفخر والوصف وما شابه . فورث الجود عن أبيه والجرأة عن عمّه ( ملاعب الأسنة ) . فنال مركزاً حسناً في قبيلته منذ صباه . فهو في السلم رجل لهو وعبث وكرم وجود ، وهو في الحرب شديد البأس والشجاعة ، وهو في تقدّمه في العمر رجل حكمة وموعظة .
أما سنة دخول لبيد الإسلام فهي بالتقريب سنة 629 م ، ويُذكر أنه أسلم عندما دخــــل المدينة متلمّساً دواء لعمّه فسمع تلاوة القرآن فأعجبته ، وتفيد الروايات أنه عاش في الإسلام 31 ســنة على الأكثر . وأجمع بعض المؤرخين أنه هجر الشعر بعد إسلامه حتى أنه لم يقل إلاّ بيتا واحداً وهم يختلفون على هذا البيت فمنهم من يقول هو :
الحمد لله إذ لم يأتني أجلي *** حتى اكتسيت من الإسلام سربالا
ومنهم من يقول بل هو :
ما عاتب الحرّ الكريم كنفْسه *** والمرء يُصلحه الجليس الصالحُ وذكر أيضاً بعض المؤرخين أنه بعد إسلامه انتقل إلى الكوفة وأقام فيها على عادته من نظم الشعر والكرم ، إلى أن توفّي بعد أن شبع من الحياة حتى سئم منها فقال :
وقد سئمت من الحياة وطولها *** وسؤال هذا الناس كيف لبيدُ !
فلبيد الشاعر المخضرم من أصحاب المعلّقات (1) وله ديوان معروف شــــرحه الكثيرون من علمـــــاء اللغة منهم السكّري والشيباني والأصمعي وابن السكّيت والطوسي . إن لشاعرنا قيمة كبيرة عند قدمـــــــاء الأدباء وقال أحدهم عنه : ( انه أفضلهم في الجاهلية والإسلام وأقلّهم لغْواً في شعره ) . فقيل أنه كان مارّاً بالكوفة في آخر حياته فســـتُئِلَ : ( مَن أشـــتتعر العرب ؟ فقال : " الملك الضليل ! أي امــرؤ القيس " فقيل ثم مَن ؟ فقال : الغــــــلام القتيل ّ أي طرفة بن العبد " قيل ثم مَم ؟ قال : الشــيخ أبو عقيل ! أي لبيد " .
مقتطفـــــــات من شــعره :
1 ـ أشهر ما في ديوانه معلّقته التي تدور حول ذكر الديار ، ووصف الناقة ، ووصـــــف لهوه وغزله وكرمه ولافتخار بنفْسه وبقومه . وتقع المعلّقة ف 88 بيتاً من البحر الكامل :
عَفَتِ الدِّيَارُ مَحَلُّهَا فَمُقَامُهَا بِمِنَىً تَأَبَّـدَ غَوْلُهَا فَرِجَامُهَـا
فَمَدَافِعُ الرَّيَّانِ عُرِّيَ رَسْمُهَـا خَلَقَاً كَمَا ضَمِنَ الوُحِيَّ سِلامُهَا
دِمَنٌ تَجَرَّمَ بَعْدَ عَهْدِ أَنِيسِهَا حِجَجٌ خَلَوْنَ حَلالُهَا وَحَرَامُهَا
رُزِقَتْ مَرَابِيْعَ النُّجُومِ وَصَابَهَا وَدْقُ الرَّوَاعِدِ جَوْدُهَا فَرِهَامُهَا
مِنْ كُلِّ سَارِيَةٍ وَغَادٍ مُدْجِنٍ وَعَشِيَّةٍ مُتَجَـاوِبٍ إِرْزَامُهَا
فَعَلا فُرُوعُ الأَيْهُقَانِ وأَطْفَلَتْ بِالجَلْهَتَيْـنِ ظِبَاؤُهَا وَنَعَامُهَـا
وَالعِيْـنُ سَاكِنَةٌ عَلَى أَطْلائِهَا عُوذَاً تَأَجَّلُ بِالفَضَـاءِ بِهَامُهَا
وَجَلا السُّيُولُ عَنْ الطُّلُولِ كَأَنَّهَا زُبُرٌ تُجِدُّ مُتُونَهَا أَقْلامُـهَا
أَوْ رَجْعُ وَاشِمَةٍ أُسِفَّ نَؤُورُهَا كِفَفَاً تَعَرَّضَ فَوْقَهُنَّ وِشَامُهَا
فَوَقَفْتُ أَسْأَلُهَا وَكَيْفَ سُؤَالُنَا صُمَّاً خَوَالِدَ مَا يَبِيْنُ كَلامُهَا
عَرِيَتْ وَكَانَ بِهَا الجَمِيْعُ فَأَبْكَرُوا مِنْهَا وَغُودِرَ نُؤْيُهَا وَثُمَامُهَا
شَاقَتْكَ ظُعْنُ الحَيِّ حِينَ تَحَمَّلُوا فَتَكَنَّسُوا قُطُنَاً تَصِرُّ خِيَامُهَا
مِنْ كُلِّ مَحْفُوفٍ يُظِلُّ عِصِيَّهُ زَوْجٌ عَلَيْـهِ كِلَّـةٌ وَقِرَامُـهَا
زُجَلاً كَأَنَّ نِعَاجَ تُوْضِحَ فَوْقَهَا وَظِبَاءَ وَجْرَةَ عُطَّفَـاً أرْآمُهَا
حُفِزَتْ وَزَايَلَهَا السَّرَابُ كَأَنَّهَا أَجْزَاعُ بِيشَةَ أَثْلُهَا وَرِضَامُهَا
بَلْ مَا تَذَكَّرُ مِنْ نَوَارَ وقَدْ نَأَتْ وتَقَطَّعَتْ أَسْبَابُهَا وَرِمَامُـهَا
مُرِّيَةٌ حَلَّتْ بِفَيْدَ وَجَـاوَرَتْ أَهْلَ الحِجَازِ فَأَيْنَ مِنْكَ مَرَامُهَا
بِمَشَارِقِ الجَبَلَيْنِ أَوْ بِمُحَجَّرٍ فَتَضَمَّنَتْهَا فَـرْدَةٌ فَرُخَامُـهَا
فَصُوائِقٌ إِنْ أَيْمَنَتْ فَمَظِنَّـةٌ فِيْهَا وِحَافُ القَهْرِ أَوْ طِلْخَامُهَا
فَاقْطَعْ لُبَانَةَ مَنْ تَعَرَّضَ وَصْلُهُ وَلَشَرُّ وَاصِلِ خُلَّـةٍ صَرَّامُهَا
وَاحْبُ المُجَامِلَ بِالجَزِيلِ وَصَرْمُهُ بَاقٍ إِذَا ظَلَعَتْ وَزَاغَ قِوَامُهَا
بِطَلِيحِ أَسْفَـارٍ تَرَكْنَ بَقِيَّـةً مِنْهَا فَأَحْنَقَ صُلْبُهَا وسَنَامُهَا
فَإِذَا تَغَالَى لَحْمُهَا وَتَحَسَّرَتْ وَتَقَطَّعَتْ بَعْدَ الكَلالِ خِدَامُهَا
فَلَهَا هِبَابٌ فِي الزِّمَامِ كَأَنَّهَا صَهْبَاءُ خَفَّ مَعَ الجَنُوبِ جَهَامُهَا
أَوْ مُلْمِعٌ وَسَقَتْ لأَحْقَبَ لاَحَهُ طَرْدُ الفُحُولِ وَضَرْبُهَا وَكِدَامُهَا
يَعْلُو بِهَا حَدَبَ الإِكَامِ مُسَحَّجٌ قَدْ رَابَهُ عِصْيَانُهَا وَوِحَامُـهَا
بِأَحِزَّةِ الثَّلَبُوتِ يَرْبَأُ فَوْقَـهَا قَفْرَ المَرَاقِبِ خَوْفُهَا آرَامُهَا
حَتَّى إِذَا سَلَخَا جُمَادَى سِتَّةً جَزْءاً فَطَالَ صِيَامُهُ وَصِيَامُهَا
رَجَعَا بِأَمْرِهِمَا إِلىَ ذِي مِرَّةٍ حَصِدٍ وَنُجْحُ صَرِيْمَةٍ إِبْرَامـُهَا
وَرَمَى دَوَابِرَهَا السَّفَا وَتَهَيَّجَتْ رِيْحُ المَصَايِفِ سَوْمُهَا وَسِهَامُهَا
فَتَنَازَعَا سَبِطَاً يَطِيْرُ ظِلالُـهُ كَدُخَانِ مُشْعَلَةٍ يُشَبُّ ضِرَامُهَا
مَشْمُولَةٍ غُلِثَتْ بِنَابتِ عَرْفَجٍ كَدُخَانِ نَارٍ سَاطِعٍ أَسْنَامُـهَا
فَمَضَى وَقَدَّمَهَا وَكَانَتْ عَادَةً مِنْهُ إِذَا هِيَ عَرَّدَتْ إِقْدَامُـهَا
فَتَوَسَّطَا عُرْضَ السَّرِيِّ وَصَدَّعَا مَسْجُـورَةً مُتَجَاوِرَاً قُلاَّمُهَا
مَحْفُوفَةً وَسْطَ اليَرَاعِ يُظِلُّهَا مِنْهُ مُصَرَّعُ غَابَـةٍ وَقِيَامُـهَا
أَفَتِلْكَ أَمْ وَحْشِيَّةٌ مَسْبُوعَةٌ خَذَلَتْ وَهَادِيَةُ الصِّوَارِ قِوَامُهَا
خَنْسَاءُ ضَيَّعَتِ الفَرِيرَ فَلَمْ يَرِمْ عُرْضَ الشَّقَائِقِ طَوْفُهَا وَبُغَامُهَا
لِمعَفَّرٍ قَهْدٍ تَنَـازَعَ شِلْـوَهُ غُبْسٌ كَوَاسِبُ لا يُمَنَّ طَعَامُهَا
صَادَفْنَ منهَا غِـرَّةً فَأَصَبْنَهَا إِنَّ الْمَنَايَا لاَ تَطِيشُ سِهَامُهَا
بَاَتتْ وَأَسْبَلَ وَاكِفٌ من دِيـمَةٍ يُرْوِي الْخَمَائِلَ دَائِمَاً تَسْجَامُها
يَعْلُو طَرِيقَةَ مَتْنِهَا مُتَوَاتِـرٌ فِي لَيْلَةٍ كَفَرَ النُّجُـومَ غَمَامُهَا
تَجَتَافُ أَصْلاً قَالِصَاً مُتَنَبِّـذَاً بعُجُوبِ أَنْقَاءٍ يَمِيلُ هُيَامُـهَا
وَتُضِيءُ في وَجْهِ الظَّلامِ مُنِيرَةً كَجُمَانَةِ الْبَحْرِيِّ سُلَّ نِظَامُهَا
حَتَّى إِذَا انْحَسَرَ الظَّلامُ وَأَسْفَرَتْ بَكَرَتْ تَزِلُّ عَنِ الثَّرَى أَزْلاَمُهَا
عَلِهَتْ تَرَدَّدُ في نِهَاءِ صُعَائِدٍ سَبْعَاً تُؤَامَاً كَامِـلاً أَيَّامُهَا
حَتَّى إِذَا يَئِسَتْ وَأَسْحَقَ خَالِقٌ لَمْ يُبْلِـهِ إِرْضَاعُهَا وَفِطَامُـهَا
فَتَوَجَّسَتْ رِزَّ الأَنِيسِ فَرَاعَهَا عَنْ ظَهْرِ غَيْبٍ وَالأَنِيسُ سُقَامُهَا
فَغَدَتْ كِلاَ الْفَرْجَيْنِ تَحْسِبُ أَنَّهُ مَوْلَى الْمَخَافَةِ خَلْفُهَا وَأَمَامُهَا
حَتَّى إِذَا يَئِسَ الرُّمَاةُ وَأَرْسَلُوا غُضْفَاً دَوَاجِنَ قَافِلاً أَعْصَامُهَا
فَلَحِقْنَ وَاعْتَكَرَتْ لَهَا مَدْرِيَّـةٌ كَالسَّمْهَرِيَّةِ حَدُّهَا وَتَمَامُـهَا
لِتَذُودَهُنَّ وَأَيْقَنَتْ إِنْ لَمْ تَذُدْ أَنْ قَدْ أَحَمَّ مِنَ الحُتُوفِ حِمَامُهَا
فَتَقصَّدَتْ مِنْهَا كَسَابِ فَضُرِّجَتْ بِدَمٍ وَغُودِرَ في الْمَكَرِّ سُخَامُهَا
فَبِتِلْكَ إِذْ رَقَصَ اللَّوَامِعُ بِالضُّحَى وَاجْتَابَ أَرْدِيَةَ السَّرَابِ إِكَامُهَا
أَقْضِي اللُّبَانَةَ لا أُفَـرِّطُ رِيبَـةً أَوْ أَنْ يَلُومَ بِحَاجَةٍ لَوَّامُـهَا
أَوَ لَمْ تَكُنْ تَدْرِي نَوَارُ بِأنَّنِي وَصَّالُ عَقْدِ حَبَائِلٍ جَذَّامُهَا
تَرَّاكُ أَمْكِنَةٍ إِذَا لَمْ أَرْضَـهَا أَوْ يَعْتَلِقْ بَعْضَ النُّفُوسِ حِمَامُهَا
بَلْ أَنْتِ لا تَدْرِينَ كَمْ مِن لَيْلَةٍ طَلْقٍ لَذِيذٍ لَهْوُهَا وَنِدَامُـهَا
قَدْ بِتُّ سَامِرَهَا وَغَايَةَ تَاجِرٍ وَافَيْتُ إِذْ رُفِعَتْ وَعَزَّ مُدَامُهَا
أُغْلِي السِّبَاءَ بكُلِّ أَدْكَنَ عَاتِقٍ أَوْ جَوْنَةٍ قُدِحَتْ وَفُضَّ خِتَامُهَا
بِصَبُوحِ صَافِيَةٍ وَجَذْبٍ كَرِينَةٍ بِمُوَتَّـرٍ تَأْتَالُـهُ إِبْهَامُـهَا
بَادَرْتُ حَاجَتَها الدَّجَاجَ بِسُحْرَةٍ لأَعُلَّ مِنْهَا حِينَ هَبَّ نِيَامُهَا
وَغَدَاةَ رِيحٍ قَدْ وَزَعْتُ وَقِرَّةٍ قَدْ أَصْبَحَتْ بِيَدِ الشَّمَالِ زِمَامُهَا
وَلَقَدْ حَمَيْتُ الحَيَّ تَحْمِلُ شِكَّتِي فُرْطٌ وِشَاحِي إِذْ غَدَوْتُ لِجَامُهَا
فَعَلَوْتُ مُرْتَقَبَاً عَلَى ذِي هَبْوَةٍ حَرِجٍ إِلَى أَعْلاَمِهِنَّ قَتَامُهَا
حَتَّى إِذَا أَلْقَتْ يَدَاً في كَافِرٍ وَأَجَنَّ عَوْرَاتِ الثُّغُورِ ظَلامُهَا
أَسْهَلْتُ وَانْتَصَبَت كَجِذْعِ مُنِيفَةٍ جَرْدَاءَ يَحْصَرُ دُونَهَا جُرَّامُهَا
رَفَّعْتُهَا طَرْدَ النّعَـامِ وَشَلَّـهُ حَتَّى إِذَا سَخِنَتْ وَخَفَّ عِظَامُهَا
قَلِقَتْ رِحَالَتُها وَأَسْبَلَ نَحْرُهَا وَابْتَلَّ مِن زَبَدِ الحَمِيمِ حِزَامُهَا
تَرْقَى وَتَطْعَنُ في الْعِنَانِ وَتَنْتَحِي وِرْدَ الْحَمَامَةِ إِذْ أَجَدَّ حَمَامُهَا
وَكَثِيرَةٍ غُرَبَاؤُهَـا مَجْهُولَـةٍ تُرْجَى نَوَافِلُهَا وَيُخْشَى ذَامُهَا
غُلْبٍ تَشَذَّرُ بِالذُّخُولِ كَأَنَّهَا جِنُّ الْبَدِيِّ رَوَاسِيَاً أَقْدَامُـهَا
أَنْكَرْتُ بَاطِلَهَا وَبُؤْتُ بِحَقِّهَا عِنْدِي وَلَمْ يَفْخَرْ عَلَيَّ كِرَامُهَا
وَجَزُورِ أَيْسَارٍ دَعَوْتُ لِحَتْفِهَا بِمَغَالِقٍ مُتَشَابِـهٍ أَجْسَامُـهَا
أَدْعُو بِهِنَّ لِعَاقِرٍ أَوْ مُطْفِـلٍ بُذِلَتْ لِجِيرَانِ الجَمِيعِ لِحَامُهَا
فَالضَّيْفُ وَالجَارُ الَجَنِيبُ كَأَنَّمَا هَبَطَا تَبَالَةَ مُخْصِبَاً أَهْضَامُهَا
تأوِي إِلى الأَطْنَابِ كُلُّ رَذِيَّـةٍ مِثْلِ الْبَلِيَّةِ قَالِـصٍ أَهْدَامُـهَا
وَيُكَلِّلُونَ إِذَا الرِّيَاحُ تَنَاوَحَتْ خُلُجَاً تُمَدُّ شَوَارِعَاً أَيْتَامُـهَا
إِنَّا إِذَا الْتَقَتِ الْمَجَامِعُ لَمْ يَزَلْ مِنَّا لِزَازُ عَظِيمَـةٍ جَشَّامُـهَا
وَمُقَسِّمٌ يُعْطِي الْعَشِيرَةَ حَقَّهَا وَمُغَذْمِرٌ لِحُقُوقِـهَا هَضَّامُـهَا
فَضْلاً وَذُو كَرَمٍ يُعِينُ عَلَى النَّدَى سَمْحٌ كَسُوبُ رَغَائِبٍ غَنَّامُهَا
مِنْ مَعْشَرٍ سَنَّتْ لَهُمْ آبَاؤُهُمْ وَلِكُلِّ قَوْمٍ سُنَّـةٌ وَإِمَامُـهَا
لاَ يَطْبَعُونَ وَلاَ يَبُورُ فِعَالُهُمْ إِذْ لا يَمِيلُ مَعَ الْهَوَى أَحْلامُهَا
فَاقْنَعْ بِمَا قَسَمَ الْمَلِيكُ فَإِنَّمَا قَسَمَ الْخَلائِقَ بَيْنَنَا عَلاَّمُـهَا
وَإِذَا الأَمَانَةُ قُسِّمَتْ في مَعْشَرٍ أَوْفَى بِأَوْفَرِ حَظِّنَا قَسَّامُـهَا
فَبَنَى لَنَا بَيْتَاً رَفِيعَاً سَمْكُـهُ فَسَمَا إِلَيْهِ كَهْلُهَا وَغُلامُهَا
وَهُمُ السُّعَاةُ إذَا الْعَشِيرَةُ أُفْظِعَتْ وَهُمُ فَوَارِسُهَا وَهُمْ حُكَّامُهَا
وَهُمُ رَبِيعٌ لِلْمُجَـاوِرِ فِيهِمُ وَالْمُرْمِلاتِ إِذَا تَطَاوَلَ عَامُهَا
وَهُمُ الْعَشِيرَةُ أَنْ يُبَطِّىءَ حَاسِدٌ أَوْ أَنْ يَمِيلَ مَعَ الْعَدُوِّ لِئَامُهَا
2 ـ وقال يرثي أربد وكان أخا لبيد لأمه ، حيث ذهب بوفد على الرسول مع عامر بن الطفيل وجابر بن سلمى بن مالك ، فعرض الرسول عليهم الإسلام فلم يُسلموا ، وفي عودتهم توفي عامر بالطاعون ، وأصابت أربد صاعقة فأحرقته فقالها من بحر المنسرح :
ما إن تُعَرّي المَنُونُ مِنْ أحدِ *** لا والدٍ مُشْفِقٍ ولا وَلَدِ
أخشى على أرْبَدَ الحُتُوفَ ولا *** أرهَبُ نَوْءَ السِّماكِ والأسدِ
فجَّعني الرَّعدُ والصَّواعقُ بالـ *** ـفارِسِ يومَ الكريهةِ النّجُدِ
يا عينُ هلاَّ بَكَيْتِ أرْبَدَ إذْ *** قُمْنا وقامَ الخُصُومُ في كَبَدِ
وعَيْنِ هلاَّ بكيتِ أربدَ إذ *** ألْوَتْ رياحُ الشّتاء بالعَضَدِ
فأصبحَتْ لاقِحاً مُصَرَّمَةً *** حينَ تقضَّتْ غوابرُ المُدَدِ
3 ـ لما استلم النعمان بن المنذر ( 580 ـ 602 ) م جاءه وفد من بني عامر للتسليم عليه وكان معهم لبيد فوجدوا عنده الربيع بن زياد العبسي يؤاكله وينادمه ويكلمه على أعــــدائه العامريين فلما دخلوا فلم يكترث بهم النعمان فغضبوا ، فعرض لبيد على جماعته أن يهجو الربيع أمـــــام النعمان ، فاستأذن لبيد النعمان بالكلام فأذن له فقال أبيات من بحــــر الرجز بغضت النعمـــــان بالربيع حتى طرده وأكرم وفد العامريين :
يا ابن المــــلوكِ السّادة الهَبنّقَـــــهْ
أنا لبيـــــــدٌ ثمَّ هَذي المنزَعـــــــهْ
في كُــــــلِّ يومٍ هامتي مُقَزَّعـــــهْ
قانعــــــةً ولم تكــــــــنْ مُقَنَّـــــعهْ
نحـــن بنو أم البنيــــن الأربــــعهْ
ونحن خيرُ عامرٍ بنِ صعصــــعهْ
المُطعمون الجفنَة المُدَعْــــــــدعهْ
والضاربون الهامَ تحتَ الخَيْضَعهْ
يا واهبَ المالِ الجزيلِ من سِـــعهْ
سُــــيوفُ حَــقٍّ وجِفانٌ مُتْرَعــــهْ
إليكَ جاوزنا بــــلاداً مُسْـــــــبِعهْ
إذ الفلاةُ أوحشتْ في المعمَعـــــهْ
يُخْبِرْكَ عن هذا خبيرٌ فاسمَعـــــهْ
مَهْلاً أبيتَ اللّعـــنَ لا تأكلْ معـــهْ
إنَّ اســـتَهُ من بَرَصٍ مُلَمَّعــــــــهْ
وإنَّه يُدْخِـــــــلُ فيــــها إصْبَعَــــهْ
يُدْخِـــــلُها حتى يُواري أشجَعـــــهْ
كأنّمــــــا يطلبُ شـــــيئاً ضَيَّعَــــهْ
4 ـ وقال يُخاطب ابنتيه لما حضرته الوفاة من بحر الطويل :
تمنّى ابنتايأن يعيشَ أبوهثما *** وهلْ أنا إلاّ منْ رَبيعةَ أو مُضّرْ
ونائحتانِ تَنْدُبانِ بعاَقِلٍ *** أخا ثِقَةٍ لا عَينَ منهُ وَلا أثَرْ
وفي ابْنَيْ نزارٍ أُسْوَةٌ إن جزِعتُما *** وإن تسألاهمْ أن تُخْبَرا فيهِمُ الخَبَرْ
وفيمنْ سواهُمْ من مُلوكٍ وسُوقةٍ *** دعائمُ عَرْشٍ خانَهُ الدّهرُ فانقَعَرْ
فقوما فقوُلا بالذي قد عَلِمتُما *** ولا تَخْمِشا وَجْهاً ولا تَحْلِقا شَعَرْ
وقُلا هو المَرْءُ الذي لا خليلهُ *** أضاعَ ، ولا خانَ الصَّديقَ ولا غَدَرْ
إلى الحَوْلِ ثمَّ اسمُ السّلامِ عليكما *** ومَنْ يبكِ حَوْلاً كاملاً فقدِ اعتذرْ
=====================
المفـــــــــردات :
(1) ـ المعلّقات : هي من أجمل صور الشعر الجاهلي وأعذبه وكان ( حماد الراوية ) أوّل من جمعها في أواخر عصر بني أميّة في الشام ( 660 ـ 750 ) م وأواخر العصــــر العباسي ( 750 ـ 1258 ) م وأصحاب المعلّقات هم : امرؤ القيس ـ طرفة بن العبد ـ زهير بن ابي سّلمى ـ لبيد بن أبي ربيعة ـ عمرو بن كلثوم ـ عنترة بن شدّاد ـ الحارث بن حلزة ـ النابـــغة الذبياني ـ الأعشى الأكبر ـ عبيد بن الأبرص إن تسميتها بالمعلّقات أو المُذَهَّبات ، أو السُّموط ( العقود ) فمختلف فيه ، إذ قال بعضهم أنّ العــرب لشــــدّة إعجابهم بها ، كتبوها بمـــــاء الذهب ، وعلّقوها على جدران الكـــعبة ، فَسمــِّيت بذلك المُعلَّقات أو المُذهّبات ونفى بعضهم تعليقها على جدران الكعبة وزعم آخـرون أنّ حمّاداً الراوية هوالذي جمع القصائد الطِّوال، وقال للناس : هذه هي المشهورات وقال آخرون إنّها سُمِّيَت بذلك لأنها من القصـــائد المسـتجادة التي كانت تُعَلَّق في خـــزائن الملـــوك والراجح اليوم انها سُمِّيَت أيضاً بالمعلَّقـات لتشبيهها بالسّـــــموط ، أي العقود التي تُعَلَّق بالأعناق ، وقد سُمِّيَت أيضاً بالمذهّبات لأنها جـديرة بأن تُكْتَب بماء الذّهب لنفاستها .
المصــــــــادر والمــــراجع :
ـــ ديوان لبيد بن ربيعة العامري ، دار صادر ـ بيروت
ـــ طرفة ولبيد : فؤاد أفرام البستاني ـ بيروت 1929
ـــ تاريخ الأدب العربي : حنا الفاخوري ـ الطبعة الثانية 1953
ـــ شرح المعلّقات العشر : الزوزني ـ بيروت 1983
ـــ شرح القصائد العشر : التبريزي ـ 1933
ـــ المنجد في اللغة والأعلام : بيروت 1973
ـــ مواقع على الإنترنت :
عاش لبيد حتى سئم طول حياته ، ونسب له الرواة عدة أبيات في أيامه الطويلة :
قال وهو ابن السبعين :
كأني ، وقد جاوزت سبعين حجة *** خلعت بها عن منكبي ردائيا
وآخر قاله وهو في السابعة والسبعين :
باتت تشكّي إليّ الموتَ مُجهِشةً *** وقد حملتكِ سبعاً بعد سبعينا
وثالث قاله وهو في العاشرة بعد المئة :
أليس في مائةٍ قد عاشها رجلٌ *** وفي تكامل عشرٍ بعدها عُمُرُ !
فحقاً كان من المعمّرين ، ويذكر الرواة أيضاً أنه مات في أوّل خلافة معاوية بن يزيد في سنة 40 هـ أو 41 أو 42 ، وهي تُقابل سنة 660 ــ 661 م .
عاش لبيد عيش السادات ينجد الضعيف ويُقري الضيوف ، مُترفّعاً عن التكسّب بشعره . ينظم شعره في أغراض الفخر والوصف وما شابه . فورث الجود عن أبيه والجرأة عن عمّه ( ملاعب الأسنة ) . فنال مركزاً حسناً في قبيلته منذ صباه . فهو في السلم رجل لهو وعبث وكرم وجود ، وهو في الحرب شديد البأس والشجاعة ، وهو في تقدّمه في العمر رجل حكمة وموعظة .
أما سنة دخول لبيد الإسلام فهي بالتقريب سنة 629 م ، ويُذكر أنه أسلم عندما دخــــل المدينة متلمّساً دواء لعمّه فسمع تلاوة القرآن فأعجبته ، وتفيد الروايات أنه عاش في الإسلام 31 ســنة على الأكثر . وأجمع بعض المؤرخين أنه هجر الشعر بعد إسلامه حتى أنه لم يقل إلاّ بيتا واحداً وهم يختلفون على هذا البيت فمنهم من يقول هو :
الحمد لله إذ لم يأتني أجلي *** حتى اكتسيت من الإسلام سربالا
ومنهم من يقول بل هو :
ما عاتب الحرّ الكريم كنفْسه *** والمرء يُصلحه الجليس الصالحُ وذكر أيضاً بعض المؤرخين أنه بعد إسلامه انتقل إلى الكوفة وأقام فيها على عادته من نظم الشعر والكرم ، إلى أن توفّي بعد أن شبع من الحياة حتى سئم منها فقال :
وقد سئمت من الحياة وطولها *** وسؤال هذا الناس كيف لبيدُ !
فلبيد الشاعر المخضرم من أصحاب المعلّقات (1) وله ديوان معروف شــــرحه الكثيرون من علمـــــاء اللغة منهم السكّري والشيباني والأصمعي وابن السكّيت والطوسي . إن لشاعرنا قيمة كبيرة عند قدمـــــــاء الأدباء وقال أحدهم عنه : ( انه أفضلهم في الجاهلية والإسلام وأقلّهم لغْواً في شعره ) . فقيل أنه كان مارّاً بالكوفة في آخر حياته فســـتُئِلَ : ( مَن أشـــتتعر العرب ؟ فقال : " الملك الضليل ! أي امــرؤ القيس " فقيل ثم مَن ؟ فقال : الغــــــلام القتيل ّ أي طرفة بن العبد " قيل ثم مَم ؟ قال : الشــيخ أبو عقيل ! أي لبيد " .
مقتطفـــــــات من شــعره :
1 ـ أشهر ما في ديوانه معلّقته التي تدور حول ذكر الديار ، ووصف الناقة ، ووصـــــف لهوه وغزله وكرمه ولافتخار بنفْسه وبقومه . وتقع المعلّقة ف 88 بيتاً من البحر الكامل :
عَفَتِ الدِّيَارُ مَحَلُّهَا فَمُقَامُهَا بِمِنَىً تَأَبَّـدَ غَوْلُهَا فَرِجَامُهَـا
فَمَدَافِعُ الرَّيَّانِ عُرِّيَ رَسْمُهَـا خَلَقَاً كَمَا ضَمِنَ الوُحِيَّ سِلامُهَا
دِمَنٌ تَجَرَّمَ بَعْدَ عَهْدِ أَنِيسِهَا حِجَجٌ خَلَوْنَ حَلالُهَا وَحَرَامُهَا
رُزِقَتْ مَرَابِيْعَ النُّجُومِ وَصَابَهَا وَدْقُ الرَّوَاعِدِ جَوْدُهَا فَرِهَامُهَا
مِنْ كُلِّ سَارِيَةٍ وَغَادٍ مُدْجِنٍ وَعَشِيَّةٍ مُتَجَـاوِبٍ إِرْزَامُهَا
فَعَلا فُرُوعُ الأَيْهُقَانِ وأَطْفَلَتْ بِالجَلْهَتَيْـنِ ظِبَاؤُهَا وَنَعَامُهَـا
وَالعِيْـنُ سَاكِنَةٌ عَلَى أَطْلائِهَا عُوذَاً تَأَجَّلُ بِالفَضَـاءِ بِهَامُهَا
وَجَلا السُّيُولُ عَنْ الطُّلُولِ كَأَنَّهَا زُبُرٌ تُجِدُّ مُتُونَهَا أَقْلامُـهَا
أَوْ رَجْعُ وَاشِمَةٍ أُسِفَّ نَؤُورُهَا كِفَفَاً تَعَرَّضَ فَوْقَهُنَّ وِشَامُهَا
فَوَقَفْتُ أَسْأَلُهَا وَكَيْفَ سُؤَالُنَا صُمَّاً خَوَالِدَ مَا يَبِيْنُ كَلامُهَا
عَرِيَتْ وَكَانَ بِهَا الجَمِيْعُ فَأَبْكَرُوا مِنْهَا وَغُودِرَ نُؤْيُهَا وَثُمَامُهَا
شَاقَتْكَ ظُعْنُ الحَيِّ حِينَ تَحَمَّلُوا فَتَكَنَّسُوا قُطُنَاً تَصِرُّ خِيَامُهَا
مِنْ كُلِّ مَحْفُوفٍ يُظِلُّ عِصِيَّهُ زَوْجٌ عَلَيْـهِ كِلَّـةٌ وَقِرَامُـهَا
زُجَلاً كَأَنَّ نِعَاجَ تُوْضِحَ فَوْقَهَا وَظِبَاءَ وَجْرَةَ عُطَّفَـاً أرْآمُهَا
حُفِزَتْ وَزَايَلَهَا السَّرَابُ كَأَنَّهَا أَجْزَاعُ بِيشَةَ أَثْلُهَا وَرِضَامُهَا
بَلْ مَا تَذَكَّرُ مِنْ نَوَارَ وقَدْ نَأَتْ وتَقَطَّعَتْ أَسْبَابُهَا وَرِمَامُـهَا
مُرِّيَةٌ حَلَّتْ بِفَيْدَ وَجَـاوَرَتْ أَهْلَ الحِجَازِ فَأَيْنَ مِنْكَ مَرَامُهَا
بِمَشَارِقِ الجَبَلَيْنِ أَوْ بِمُحَجَّرٍ فَتَضَمَّنَتْهَا فَـرْدَةٌ فَرُخَامُـهَا
فَصُوائِقٌ إِنْ أَيْمَنَتْ فَمَظِنَّـةٌ فِيْهَا وِحَافُ القَهْرِ أَوْ طِلْخَامُهَا
فَاقْطَعْ لُبَانَةَ مَنْ تَعَرَّضَ وَصْلُهُ وَلَشَرُّ وَاصِلِ خُلَّـةٍ صَرَّامُهَا
وَاحْبُ المُجَامِلَ بِالجَزِيلِ وَصَرْمُهُ بَاقٍ إِذَا ظَلَعَتْ وَزَاغَ قِوَامُهَا
بِطَلِيحِ أَسْفَـارٍ تَرَكْنَ بَقِيَّـةً مِنْهَا فَأَحْنَقَ صُلْبُهَا وسَنَامُهَا
فَإِذَا تَغَالَى لَحْمُهَا وَتَحَسَّرَتْ وَتَقَطَّعَتْ بَعْدَ الكَلالِ خِدَامُهَا
فَلَهَا هِبَابٌ فِي الزِّمَامِ كَأَنَّهَا صَهْبَاءُ خَفَّ مَعَ الجَنُوبِ جَهَامُهَا
أَوْ مُلْمِعٌ وَسَقَتْ لأَحْقَبَ لاَحَهُ طَرْدُ الفُحُولِ وَضَرْبُهَا وَكِدَامُهَا
يَعْلُو بِهَا حَدَبَ الإِكَامِ مُسَحَّجٌ قَدْ رَابَهُ عِصْيَانُهَا وَوِحَامُـهَا
بِأَحِزَّةِ الثَّلَبُوتِ يَرْبَأُ فَوْقَـهَا قَفْرَ المَرَاقِبِ خَوْفُهَا آرَامُهَا
حَتَّى إِذَا سَلَخَا جُمَادَى سِتَّةً جَزْءاً فَطَالَ صِيَامُهُ وَصِيَامُهَا
رَجَعَا بِأَمْرِهِمَا إِلىَ ذِي مِرَّةٍ حَصِدٍ وَنُجْحُ صَرِيْمَةٍ إِبْرَامـُهَا
وَرَمَى دَوَابِرَهَا السَّفَا وَتَهَيَّجَتْ رِيْحُ المَصَايِفِ سَوْمُهَا وَسِهَامُهَا
فَتَنَازَعَا سَبِطَاً يَطِيْرُ ظِلالُـهُ كَدُخَانِ مُشْعَلَةٍ يُشَبُّ ضِرَامُهَا
مَشْمُولَةٍ غُلِثَتْ بِنَابتِ عَرْفَجٍ كَدُخَانِ نَارٍ سَاطِعٍ أَسْنَامُـهَا
فَمَضَى وَقَدَّمَهَا وَكَانَتْ عَادَةً مِنْهُ إِذَا هِيَ عَرَّدَتْ إِقْدَامُـهَا
فَتَوَسَّطَا عُرْضَ السَّرِيِّ وَصَدَّعَا مَسْجُـورَةً مُتَجَاوِرَاً قُلاَّمُهَا
مَحْفُوفَةً وَسْطَ اليَرَاعِ يُظِلُّهَا مِنْهُ مُصَرَّعُ غَابَـةٍ وَقِيَامُـهَا
أَفَتِلْكَ أَمْ وَحْشِيَّةٌ مَسْبُوعَةٌ خَذَلَتْ وَهَادِيَةُ الصِّوَارِ قِوَامُهَا
خَنْسَاءُ ضَيَّعَتِ الفَرِيرَ فَلَمْ يَرِمْ عُرْضَ الشَّقَائِقِ طَوْفُهَا وَبُغَامُهَا
لِمعَفَّرٍ قَهْدٍ تَنَـازَعَ شِلْـوَهُ غُبْسٌ كَوَاسِبُ لا يُمَنَّ طَعَامُهَا
صَادَفْنَ منهَا غِـرَّةً فَأَصَبْنَهَا إِنَّ الْمَنَايَا لاَ تَطِيشُ سِهَامُهَا
بَاَتتْ وَأَسْبَلَ وَاكِفٌ من دِيـمَةٍ يُرْوِي الْخَمَائِلَ دَائِمَاً تَسْجَامُها
يَعْلُو طَرِيقَةَ مَتْنِهَا مُتَوَاتِـرٌ فِي لَيْلَةٍ كَفَرَ النُّجُـومَ غَمَامُهَا
تَجَتَافُ أَصْلاً قَالِصَاً مُتَنَبِّـذَاً بعُجُوبِ أَنْقَاءٍ يَمِيلُ هُيَامُـهَا
وَتُضِيءُ في وَجْهِ الظَّلامِ مُنِيرَةً كَجُمَانَةِ الْبَحْرِيِّ سُلَّ نِظَامُهَا
حَتَّى إِذَا انْحَسَرَ الظَّلامُ وَأَسْفَرَتْ بَكَرَتْ تَزِلُّ عَنِ الثَّرَى أَزْلاَمُهَا
عَلِهَتْ تَرَدَّدُ في نِهَاءِ صُعَائِدٍ سَبْعَاً تُؤَامَاً كَامِـلاً أَيَّامُهَا
حَتَّى إِذَا يَئِسَتْ وَأَسْحَقَ خَالِقٌ لَمْ يُبْلِـهِ إِرْضَاعُهَا وَفِطَامُـهَا
فَتَوَجَّسَتْ رِزَّ الأَنِيسِ فَرَاعَهَا عَنْ ظَهْرِ غَيْبٍ وَالأَنِيسُ سُقَامُهَا
فَغَدَتْ كِلاَ الْفَرْجَيْنِ تَحْسِبُ أَنَّهُ مَوْلَى الْمَخَافَةِ خَلْفُهَا وَأَمَامُهَا
حَتَّى إِذَا يَئِسَ الرُّمَاةُ وَأَرْسَلُوا غُضْفَاً دَوَاجِنَ قَافِلاً أَعْصَامُهَا
فَلَحِقْنَ وَاعْتَكَرَتْ لَهَا مَدْرِيَّـةٌ كَالسَّمْهَرِيَّةِ حَدُّهَا وَتَمَامُـهَا
لِتَذُودَهُنَّ وَأَيْقَنَتْ إِنْ لَمْ تَذُدْ أَنْ قَدْ أَحَمَّ مِنَ الحُتُوفِ حِمَامُهَا
فَتَقصَّدَتْ مِنْهَا كَسَابِ فَضُرِّجَتْ بِدَمٍ وَغُودِرَ في الْمَكَرِّ سُخَامُهَا
فَبِتِلْكَ إِذْ رَقَصَ اللَّوَامِعُ بِالضُّحَى وَاجْتَابَ أَرْدِيَةَ السَّرَابِ إِكَامُهَا
أَقْضِي اللُّبَانَةَ لا أُفَـرِّطُ رِيبَـةً أَوْ أَنْ يَلُومَ بِحَاجَةٍ لَوَّامُـهَا
أَوَ لَمْ تَكُنْ تَدْرِي نَوَارُ بِأنَّنِي وَصَّالُ عَقْدِ حَبَائِلٍ جَذَّامُهَا
تَرَّاكُ أَمْكِنَةٍ إِذَا لَمْ أَرْضَـهَا أَوْ يَعْتَلِقْ بَعْضَ النُّفُوسِ حِمَامُهَا
بَلْ أَنْتِ لا تَدْرِينَ كَمْ مِن لَيْلَةٍ طَلْقٍ لَذِيذٍ لَهْوُهَا وَنِدَامُـهَا
قَدْ بِتُّ سَامِرَهَا وَغَايَةَ تَاجِرٍ وَافَيْتُ إِذْ رُفِعَتْ وَعَزَّ مُدَامُهَا
أُغْلِي السِّبَاءَ بكُلِّ أَدْكَنَ عَاتِقٍ أَوْ جَوْنَةٍ قُدِحَتْ وَفُضَّ خِتَامُهَا
بِصَبُوحِ صَافِيَةٍ وَجَذْبٍ كَرِينَةٍ بِمُوَتَّـرٍ تَأْتَالُـهُ إِبْهَامُـهَا
بَادَرْتُ حَاجَتَها الدَّجَاجَ بِسُحْرَةٍ لأَعُلَّ مِنْهَا حِينَ هَبَّ نِيَامُهَا
وَغَدَاةَ رِيحٍ قَدْ وَزَعْتُ وَقِرَّةٍ قَدْ أَصْبَحَتْ بِيَدِ الشَّمَالِ زِمَامُهَا
وَلَقَدْ حَمَيْتُ الحَيَّ تَحْمِلُ شِكَّتِي فُرْطٌ وِشَاحِي إِذْ غَدَوْتُ لِجَامُهَا
فَعَلَوْتُ مُرْتَقَبَاً عَلَى ذِي هَبْوَةٍ حَرِجٍ إِلَى أَعْلاَمِهِنَّ قَتَامُهَا
حَتَّى إِذَا أَلْقَتْ يَدَاً في كَافِرٍ وَأَجَنَّ عَوْرَاتِ الثُّغُورِ ظَلامُهَا
أَسْهَلْتُ وَانْتَصَبَت كَجِذْعِ مُنِيفَةٍ جَرْدَاءَ يَحْصَرُ دُونَهَا جُرَّامُهَا
رَفَّعْتُهَا طَرْدَ النّعَـامِ وَشَلَّـهُ حَتَّى إِذَا سَخِنَتْ وَخَفَّ عِظَامُهَا
قَلِقَتْ رِحَالَتُها وَأَسْبَلَ نَحْرُهَا وَابْتَلَّ مِن زَبَدِ الحَمِيمِ حِزَامُهَا
تَرْقَى وَتَطْعَنُ في الْعِنَانِ وَتَنْتَحِي وِرْدَ الْحَمَامَةِ إِذْ أَجَدَّ حَمَامُهَا
وَكَثِيرَةٍ غُرَبَاؤُهَـا مَجْهُولَـةٍ تُرْجَى نَوَافِلُهَا وَيُخْشَى ذَامُهَا
غُلْبٍ تَشَذَّرُ بِالذُّخُولِ كَأَنَّهَا جِنُّ الْبَدِيِّ رَوَاسِيَاً أَقْدَامُـهَا
أَنْكَرْتُ بَاطِلَهَا وَبُؤْتُ بِحَقِّهَا عِنْدِي وَلَمْ يَفْخَرْ عَلَيَّ كِرَامُهَا
وَجَزُورِ أَيْسَارٍ دَعَوْتُ لِحَتْفِهَا بِمَغَالِقٍ مُتَشَابِـهٍ أَجْسَامُـهَا
أَدْعُو بِهِنَّ لِعَاقِرٍ أَوْ مُطْفِـلٍ بُذِلَتْ لِجِيرَانِ الجَمِيعِ لِحَامُهَا
فَالضَّيْفُ وَالجَارُ الَجَنِيبُ كَأَنَّمَا هَبَطَا تَبَالَةَ مُخْصِبَاً أَهْضَامُهَا
تأوِي إِلى الأَطْنَابِ كُلُّ رَذِيَّـةٍ مِثْلِ الْبَلِيَّةِ قَالِـصٍ أَهْدَامُـهَا
وَيُكَلِّلُونَ إِذَا الرِّيَاحُ تَنَاوَحَتْ خُلُجَاً تُمَدُّ شَوَارِعَاً أَيْتَامُـهَا
إِنَّا إِذَا الْتَقَتِ الْمَجَامِعُ لَمْ يَزَلْ مِنَّا لِزَازُ عَظِيمَـةٍ جَشَّامُـهَا
وَمُقَسِّمٌ يُعْطِي الْعَشِيرَةَ حَقَّهَا وَمُغَذْمِرٌ لِحُقُوقِـهَا هَضَّامُـهَا
فَضْلاً وَذُو كَرَمٍ يُعِينُ عَلَى النَّدَى سَمْحٌ كَسُوبُ رَغَائِبٍ غَنَّامُهَا
مِنْ مَعْشَرٍ سَنَّتْ لَهُمْ آبَاؤُهُمْ وَلِكُلِّ قَوْمٍ سُنَّـةٌ وَإِمَامُـهَا
لاَ يَطْبَعُونَ وَلاَ يَبُورُ فِعَالُهُمْ إِذْ لا يَمِيلُ مَعَ الْهَوَى أَحْلامُهَا
فَاقْنَعْ بِمَا قَسَمَ الْمَلِيكُ فَإِنَّمَا قَسَمَ الْخَلائِقَ بَيْنَنَا عَلاَّمُـهَا
وَإِذَا الأَمَانَةُ قُسِّمَتْ في مَعْشَرٍ أَوْفَى بِأَوْفَرِ حَظِّنَا قَسَّامُـهَا
فَبَنَى لَنَا بَيْتَاً رَفِيعَاً سَمْكُـهُ فَسَمَا إِلَيْهِ كَهْلُهَا وَغُلامُهَا
وَهُمُ السُّعَاةُ إذَا الْعَشِيرَةُ أُفْظِعَتْ وَهُمُ فَوَارِسُهَا وَهُمْ حُكَّامُهَا
وَهُمُ رَبِيعٌ لِلْمُجَـاوِرِ فِيهِمُ وَالْمُرْمِلاتِ إِذَا تَطَاوَلَ عَامُهَا
وَهُمُ الْعَشِيرَةُ أَنْ يُبَطِّىءَ حَاسِدٌ أَوْ أَنْ يَمِيلَ مَعَ الْعَدُوِّ لِئَامُهَا
2 ـ وقال يرثي أربد وكان أخا لبيد لأمه ، حيث ذهب بوفد على الرسول مع عامر بن الطفيل وجابر بن سلمى بن مالك ، فعرض الرسول عليهم الإسلام فلم يُسلموا ، وفي عودتهم توفي عامر بالطاعون ، وأصابت أربد صاعقة فأحرقته فقالها من بحر المنسرح :
ما إن تُعَرّي المَنُونُ مِنْ أحدِ *** لا والدٍ مُشْفِقٍ ولا وَلَدِ
أخشى على أرْبَدَ الحُتُوفَ ولا *** أرهَبُ نَوْءَ السِّماكِ والأسدِ
فجَّعني الرَّعدُ والصَّواعقُ بالـ *** ـفارِسِ يومَ الكريهةِ النّجُدِ
يا عينُ هلاَّ بَكَيْتِ أرْبَدَ إذْ *** قُمْنا وقامَ الخُصُومُ في كَبَدِ
وعَيْنِ هلاَّ بكيتِ أربدَ إذ *** ألْوَتْ رياحُ الشّتاء بالعَضَدِ
فأصبحَتْ لاقِحاً مُصَرَّمَةً *** حينَ تقضَّتْ غوابرُ المُدَدِ
3 ـ لما استلم النعمان بن المنذر ( 580 ـ 602 ) م جاءه وفد من بني عامر للتسليم عليه وكان معهم لبيد فوجدوا عنده الربيع بن زياد العبسي يؤاكله وينادمه ويكلمه على أعــــدائه العامريين فلما دخلوا فلم يكترث بهم النعمان فغضبوا ، فعرض لبيد على جماعته أن يهجو الربيع أمـــــام النعمان ، فاستأذن لبيد النعمان بالكلام فأذن له فقال أبيات من بحــــر الرجز بغضت النعمـــــان بالربيع حتى طرده وأكرم وفد العامريين :
يا ابن المــــلوكِ السّادة الهَبنّقَـــــهْ
أنا لبيـــــــدٌ ثمَّ هَذي المنزَعـــــــهْ
في كُــــــلِّ يومٍ هامتي مُقَزَّعـــــهْ
قانعــــــةً ولم تكــــــــنْ مُقَنَّـــــعهْ
نحـــن بنو أم البنيــــن الأربــــعهْ
ونحن خيرُ عامرٍ بنِ صعصــــعهْ
المُطعمون الجفنَة المُدَعْــــــــدعهْ
والضاربون الهامَ تحتَ الخَيْضَعهْ
يا واهبَ المالِ الجزيلِ من سِـــعهْ
سُــــيوفُ حَــقٍّ وجِفانٌ مُتْرَعــــهْ
إليكَ جاوزنا بــــلاداً مُسْـــــــبِعهْ
إذ الفلاةُ أوحشتْ في المعمَعـــــهْ
يُخْبِرْكَ عن هذا خبيرٌ فاسمَعـــــهْ
مَهْلاً أبيتَ اللّعـــنَ لا تأكلْ معـــهْ
إنَّ اســـتَهُ من بَرَصٍ مُلَمَّعــــــــهْ
وإنَّه يُدْخِـــــــلُ فيــــها إصْبَعَــــهْ
يُدْخِـــــلُها حتى يُواري أشجَعـــــهْ
كأنّمــــــا يطلبُ شـــــيئاً ضَيَّعَــــهْ
4 ـ وقال يُخاطب ابنتيه لما حضرته الوفاة من بحر الطويل :
تمنّى ابنتايأن يعيشَ أبوهثما *** وهلْ أنا إلاّ منْ رَبيعةَ أو مُضّرْ
ونائحتانِ تَنْدُبانِ بعاَقِلٍ *** أخا ثِقَةٍ لا عَينَ منهُ وَلا أثَرْ
وفي ابْنَيْ نزارٍ أُسْوَةٌ إن جزِعتُما *** وإن تسألاهمْ أن تُخْبَرا فيهِمُ الخَبَرْ
وفيمنْ سواهُمْ من مُلوكٍ وسُوقةٍ *** دعائمُ عَرْشٍ خانَهُ الدّهرُ فانقَعَرْ
فقوما فقوُلا بالذي قد عَلِمتُما *** ولا تَخْمِشا وَجْهاً ولا تَحْلِقا شَعَرْ
وقُلا هو المَرْءُ الذي لا خليلهُ *** أضاعَ ، ولا خانَ الصَّديقَ ولا غَدَرْ
إلى الحَوْلِ ثمَّ اسمُ السّلامِ عليكما *** ومَنْ يبكِ حَوْلاً كاملاً فقدِ اعتذرْ
=====================
المفـــــــــردات :
(1) ـ المعلّقات : هي من أجمل صور الشعر الجاهلي وأعذبه وكان ( حماد الراوية ) أوّل من جمعها في أواخر عصر بني أميّة في الشام ( 660 ـ 750 ) م وأواخر العصــــر العباسي ( 750 ـ 1258 ) م وأصحاب المعلّقات هم : امرؤ القيس ـ طرفة بن العبد ـ زهير بن ابي سّلمى ـ لبيد بن أبي ربيعة ـ عمرو بن كلثوم ـ عنترة بن شدّاد ـ الحارث بن حلزة ـ النابـــغة الذبياني ـ الأعشى الأكبر ـ عبيد بن الأبرص إن تسميتها بالمعلّقات أو المُذَهَّبات ، أو السُّموط ( العقود ) فمختلف فيه ، إذ قال بعضهم أنّ العــرب لشــــدّة إعجابهم بها ، كتبوها بمـــــاء الذهب ، وعلّقوها على جدران الكـــعبة ، فَسمــِّيت بذلك المُعلَّقات أو المُذهّبات ونفى بعضهم تعليقها على جدران الكعبة وزعم آخـرون أنّ حمّاداً الراوية هوالذي جمع القصائد الطِّوال، وقال للناس : هذه هي المشهورات وقال آخرون إنّها سُمِّيَت بذلك لأنها من القصـــائد المسـتجادة التي كانت تُعَلَّق في خـــزائن الملـــوك والراجح اليوم انها سُمِّيَت أيضاً بالمعلَّقـات لتشبيهها بالسّـــــموط ، أي العقود التي تُعَلَّق بالأعناق ، وقد سُمِّيَت أيضاً بالمذهّبات لأنها جـديرة بأن تُكْتَب بماء الذّهب لنفاستها .
المصــــــــادر والمــــراجع :
ـــ ديوان لبيد بن ربيعة العامري ، دار صادر ـ بيروت
ـــ طرفة ولبيد : فؤاد أفرام البستاني ـ بيروت 1929
ـــ تاريخ الأدب العربي : حنا الفاخوري ـ الطبعة الثانية 1953
ـــ شرح المعلّقات العشر : الزوزني ـ بيروت 1983
ـــ شرح القصائد العشر : التبريزي ـ 1933
ـــ المنجد في اللغة والأعلام : بيروت 1973
ـــ مواقع على الإنترنت :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق